كنت اغير طريقي للبيت يوميا لتفادي المواجهة ، وللاسف كان يتربص بي كل مرة ويأخذ ( الأتاوه ) رغما عني .
قررت يوما ان احافظ على قلم الرصاص والممحاة والمسطرة !! ورغم صغر سني يومها الا انني اتذكر جيدا السيناريو الذي قررت ان انهجه وهو ببساطة " سأدافع عن اقلامي اليوم فان افلحت فلن يعترضني بعدها وان فشلت فلن اخسر شيئا وسيأخذ مني ممتلكاتي كالعادة " !!
وفعلا استجمعت كل ما اوتيت من قوة وقررت المواجهة ، دافعت يومها عن شنطتي وقمت بدفع (زغلول) فسقط في احدى حفريات المجاري وشج رأسه !!! وما تبقى بي من شجاعة استخدمته بالركض نحو بيتي ، وصلت للبيت وكانت المشاعر مختلطة ، فانا سعيد لدفاعي عن ممتلكاتي وخائف من تكرار المواجهة في الغد.
ان ما حدث معي في مجتمعي المدرسي الصغير هو ما حدث ويحدث مع شعوبنا العربية وعلى مر السنين ، فلقد تربينا على مبادئ ما انزل الله بها من سلطان ، فالكف لا يناطح مخرز , الايد اللي فوق ايدك بوسها وامشي الحيط الحيط ...... الخ
من جهتها ايضا فقد زرعت فينا انظمتنا نفس المبادئي ، كضرب الضعيف لاخافة القوي والنظام خط احمر والخروج علية اوحتى انتقاده يخفيك وراء الشمس !!!!
لم نفكر يوما بالخروج على انظمتنا ولم نفكر يوما بقول كلمة لا طوال العقود الماضية مما رسخ فينا وفيهم انهم انصاف الهة لا يطيح بهم الا من خلقهم !
لكن النظام التونسي سقط بعد اسابيع فقط من قول لا ، والنظام المصري لم يتحمل ايام رغم اجهزته الامنية المتمرسة في اعمال التنكيل والتعذيب على مدار العقود الثلاثة الماضية. وسيسقط بعده "كأحجار الدومينو " النظام الجزائري والليبي واليمني والسوري .
فقرطاسيتنا ملكنا وحدنا (وزغلول ) نمر من ورق لم يعد يرهبنا .
