The Smurfs

٢٠١١/٠٣/١٠

عقدة ستوكهولم والدكتاتوريات العربية !!

عقدة ستوكهولم باختصار هي مجموعة أعراض تظهر عند أغلب ضحايا الاختطاف و الاحتجاز غير القانوني تجعلهم يتعاطفون مع خاطفيهم بل وقد يتضامنون معهم و يساعدونهم في تحقيق ما يريدون, أو الدفاع عنهم و عن موقفهم حتى لو كانوا هم ضحاياهم, و تلقّت هذه العقدة اسم عاصمة السويد لأنها كانت مسرح عملية اختطاف عام 1973 عندما احتجزت مجموعة مسلّحة العديد من الموظفين و الزبائن طوال ستة أيام في مقر أحد البنوك, و عند نهاية الاحتجاز و تسليم أعضاء العصابة أنفسهم التقطت الكاميرات صورة امرأة من بين المحتجزين تودّع الخاطفين بحرارة و حنان, فكانت هذه اللقطة رمزاً لهذه العقدة النفسية و على إثرها تم اختيار اسم ستوكهولم.

تجدر الإشارة إلى أن عقدة ستوكهولم ليست حالة مرضيّة أبداً بل هي آلية من ضمن مجموعة آليات كثيرة يمكن أن يلجأ إليها العقل البشري لحماية نفسه في حالات الشدّة و الخطر, و لا يمكن الربط بين إمكانية حدوثها و المستوى الثقافي و التعليمي للفرد بل أنها مستقلّة عن هذا الأمر
يحدد علم النفس أسباب تعاطف الضحية مع خاطفها في نقاط عديدة,
 - الأولى هي أن كلاهما (الضحية و الخاطف) يأملان الخروج من حالة الخطر بأقل الخسائر الممكنة, و لذلك ينشأ بينهما ارتباط نفسي هو عبارة عن "تضامن متبادل",
-الثانية تتحدّث عن غريزة الضحية لحماية نفسها ضمن وضع هو خارج السيطرة (و يقصد بخارج السيطرة ليس فقط الأحداث و إنما حتى الفهم النفسي للحالة) و لذلك تحاول جاهدة أن لا تغضب الخاطف
- الثالثة تقول أن الضحية تقنع نفسها بأن الخاطف لا يريد إلحاق الأذى بها و إنما هي الظروف التي جعلته يضطر لاختطافها
- الرابعة و الأخيرة فهي تُرجع شعور المخطوف إلى آلية تفكير طفولية تشبه طريقة تفكير و تصرّف الطفل حيال الأب الغاضب فالطفل يعلم أنه يحتاج للأب و رؤيته غاضباً تشعره بالخوف, فتنشأ في مخيلته علاقة بين سوء تصرّفه و غضب الاب لذلك فإنه يحاول التصرّف بشكل جيد و عاقل كي لا يغضب الأب منه.

أعتقد شخصياً أنه من الممكن تطبيق عقدة ستوكهولم على المجتمعات العربية كافة
 فالتلويح بعدو خارجي قد يكون دولة أو جماعة أو حتى فكرة كانت على مر العصور( كما يفعل بشار الاسد مثلا )  خطة الكثير من الأنظمة لتطويع شعوبها, فالنظام يسعى لتسويق أن هذا العدو المزعوم (أو الحقيقي) الذي يخاف المجتمع منه بشدّة يريد أن يقضي على النظام و لذلك فإنه سيدافع عن نفسه فتنشأ عقيدة لدى المجتمع بأن (سلامة الشعب من سلامة النظام) فلو استطاع النظام التصدّي لهذا العدو فإن ذلك سيكون سلامة و نجاة للنظام و الشعب.  
والشعب يبادله كما في "النقطة الثانية" وهي حماية النفس في سياق وضع خارج السيطرة و محاولة عدم إغضاب الخاطف.
فأي مجتمع يقبع تحت سلطة الاستبداد تكون نظرته " للمهارضين للنظام " نظرة سلبية مفادها ان هذه المعارضة ستؤلب النظام الدكتاتورء عليهم وبالتالي سيصب هذا النظام جام غضبه على المجتمع وهذا ما لا يريده المجتمع " المرعوب اصلا من النظام والذي يحاول بشتى الطرق ان يكون مطاوعا مدجنا ملكيا اكثر من الملك لينجو بجلده!!!
أما بخصوص النقطة الأخيرة  ففكرة أن الطاغية "أب" لأفراد شعبه, حنون مع من يكون عاقلاً و عصبياً مع من "يشاغب" موجودة منذ عقود طويلة واصبحت المجتمعات التي تتعرض للقمع مقتنعة بها بل انها اصبحت تدعو القائد بالاب والشعب بالاولاد وهذا ترسيخ كامل لاحد اوجه هذه الهقدة .

بالمحصلة اعتقد انه حتى لو زالت هذه الانظمة الدكتاتورية فلا اعتقد ان هذه العقدة ستزول من الشعوب المقموعة يالسرعة التي نتوقعها ، بل انها تحتاج لجلسات علاج طويلة وربما لاجيال للتخلص منها ، فالطفل الذي يخاف  الشرطي في صغره سيخشاه في كبره رغم تغير ادراك هذا الطفل لمفهوم " الشرطي " في صغره وفي كبره، فالطريق طويل وشائك ولكنه في نظري يستحق محاولات التغيير الحاصلة والتي ستحصل مستقبلا على الساحة العربية .