بعد شهر من التخطيط غير المسبوق قرر الشعب الاردني الخروج بمسيرة يوم الجمعة الفائت ،هم انفسهم لا يعرفون الهدف منها ! مما اتاح للحكومة اخذ بعض الخطوات الاحترازية للتخفيف من الضغط الشعبي ان لم يكن تعطيله ، فقامت بانزال اسعار بعض السلع الاستهلاكية كبادرة حسن نية لنزع فتل المواجهات المتوقعة !!
كما قامت الحكومة باجتماعات سرية مع وجهاء العشائر وصاحب هذه الاجتماعات استمالة بعض الوجهاء ماديا للسيطرة على الاوضاع في محافظاتهم .
لكن الملفت هنا ان الاسلاميين والذين طالما كانوا من يتسيد المعارضة وطالما كانت تحركاتهم تقض مضجع الحكومات المتعاقبة ، دجنوا هم الاخرون واستميلوا ايضا بوعود مستقبلية من قبل الحكومة .
والسؤال هو : اذا كانت الجماهير بمختلف توجهاتها لا تدري ماذا تصنع ولا تعرف ما تريد فكيف ستحدث التغير الذي تطلبه ؟؟؟ بل ما هو اصلا التغيير المنشود الذي يطلبونه ؟؟؟
ففي الوقت الذي تطلب طائفة منهم الخروج للشارع عقب صلاة الجمعة ، تجد نقابة المهندسين لا تكترث لهذة المسيرات وتريد اعتصاما يوم الاحد في مجمع النقابات ، واخرون يريدون اعتصاما امام مجلس النواب .
اما الاسلاميون فوافقوا على الخروج للشارع ثم اعتذروا عن الخروج ( بعد اتصالات حكومية مكثفة معهم ) والله اعلم ما الذي يجول في رؤوسهم اذا افترضنا ان هناك شيء ما يجول في رؤوسهم اصلا !!!!
ان التلقائية والعفوية هي ما يميز الانتفاضات الشعبية والغضب الجماهيري ولم نسمع يوما ان انتفاضة اندلعت بعد تخطيط مسبق لها، والاتفاق على نوع الهتاف المصاحب للمسيرة من نشتم او تهليل ، فكل هذه الترتيبات المسبقة اجهضت المسيرات وافرغتها من محتواها. .
ثم لم نر في المسيرات الهادئة اية مطالب سوى السب والشتم لشخص رئيس الوزراء سمير الرفاعي ، وكأن سمير هو المسؤول عن ال 16 مليار دولار ديون الاردن الخارجية ،وكأنه هو المسؤول عن عجز الموازنة ، او كأنه جاء للسلطة بالانتخاب فلم يرق لطموحات منتخبيه !!!!
كان الاجدر بالمسؤولين عن هذه المسيرات الغبية ان يطالبوا بحل مجلس النواب الذي اصبح يؤيد تصرفات الحكومة اكثر من الحكومة نفسها واصبح ملكيا اكثر من الملك !!!
سمير الرفاعي مجرد موظف يقوم بالدور المطلوب منه ، وحتى لو تمت اقالته فسيعين اخر جديد يقوم بتنفيذ السياستين الداخلية والخارجية المرسومتين له مسبقا لا اكثر ولا اقل .
