The Smurfs

٢٠١٢/٠٤/١٧

كلاب جارنا !!!

كنا  صغارا في قرية فقيرة وكان لنا جار بهي الطلعة، محترم -  ظاهريا على الاقل - لا يفوت مناسبة في هذه القرية الا حضرها فكان الجميع يحبه ويحترمه ويقدره .
لكنه في الوقت نفسه كان غريب الاطوار ، فهو يهجر بيته من حين لاخر ويعود للقرية باموال لا يعلم مصدرها الا الله .
وكان كلما اجتمع مع اهل القرية بمناسبة او بدون مناسبة اقترح عليهم ، ان يأتي ببضعة كلاب لحراسته وحراسة القرية من السارقين الذين انتشروا - او هكذا كان يوهمهم -  في القرى المجاورة ، لكننا ولاننا مجتمع اسلامي منغلق على نفسه ، فقد كنا نكره الكلاب لنجاستها ولا نحب اقتنائها داخل بيوتنا ، اقتداء بالرسول الكريم عليه السلام .

ذات يوم خرج صباحا يصرخ ويهرول نحو ساحة القرية ، يخبر الاهالي بان هناك سارق قد اقتحم منزله ، ولولا ستر ربنا كان ذبحو وذبح باقي العيلة ، واردف قائلا : تزعلوش مني يا جماعة انا قررت اجيب كلاب للحراسة ، وزي ما بقولوا " يا روح ما بعدك روح " !!!
اقنع الناس بالفكرة وفعلا جلب بعض الكلاب وربطها بسلاسل حول بيته لطمـأنة  الاهالي  بان الكلاب فقط للحراسة وسوف لن تؤذي ايا منهم ،،،،،،
وبالفعل تقبلنا هذه الفكرة فالكلاب كانت غير مؤذية باستثناء نباحها المتواصل اثناء الليل ، ورائحة  برازها التي تملا الارجاء، لكننا تقبلنا الوضع لأجل عيون جار الرضا الذي لم  يقصر يوما لا مع كبير ولا مع صغير ، حتى ان برنامج البث المباشر  كان لا يفوته للاطمئنان على قريتنا والقرى المجاورة ،،،،، باختصار كان زلمة محبوب  .

في احد الايام صحونا على صراخ من بيت جار الرضا ،  فالتم الجيران حول منزله وفهمنا  من الصراخ والعويل ان الرجال اعطاكو عمره - الله يرحمه - !
طبعا  بعد وفاته بقي الحال على ما هو عليه ، فاولاده كانوا غاية في الادب وعلى رأي امي
: " ما بطلعلهم حس "!

حتى جاء يوم - ولا زلت اذكره - فقد قام الابن الاكبر لجار الرضا برفع سور بيته عالية بطريقة آذت من هم بجانبه ، فقلنا في النهاية هو حر ببيته ، ثم اطلق الكلاب التي كانت مربوطة في عهد والده خارج الاسوار ، فراحت تزعج السكان الذين كانوا لا يظهرون امتعاضهم من تصرفات كلابه احتراما لذكرى جار الرضا العطرة .

الطريف ان الابن كان مؤدبا وكان كلما عاثت كلابه في الارض الفساد يقوم بتخجيلنا وتسكيتنا بلطفه وكرمه ،
فلقد طيب خاطر جارنا ابو فهمي  يوم قامت الكلاب  بقتل دجاجاته ، وزار الشيخ ابو صابر يوم عضه احد الكلاب وهو متوجه للصلاة فجرا ، وعالج بنت ابو محمد على حسابه يوم لحقها كلبه فسقطت في احد المناهل المفتوحة وما اكثرها .!!!!

الناس كانت تستحي منو وما تتذمر قدامو ولكنهم في الحقيقة ملو تصرفات كلابه حتى ان البعض
 - وبالخفاء طبعا - كانوا يتمنون رحيله ، بحجة انه ذا مال وجاه فما الذي يجبره على الاقامة في هذه القرية الصغيرة النائية ؟؟؟

في يوم من الايام قرر والدي الخروج عن صمته والتحدث اليه ،  فتوجه الى بيته وانتظر طويلا حتى غابت الكلاب عن ناظرية ثم قرع الجرس وانتظر ، واذ بجارنا يفتح الباب له مستغربا من هذه الزيارة ، فأولاد الذوات بنظر الجار  لا يزورون الا بموعد ، لكن يبدوا ان ابي لم يمن منهم ،
خير يا جار انشالله ما في شر ؟
ابوي : لا والله يا جار بصراحة انا جايك بموظوع وخجلان منك .
الجار : ولو اتفظل قول اللي بدك اياه .
ابوي : والله يا جار انو كلابك اذتنا  واذت كل القرية حتى لولاد بطلوا يسترجوا يطلعوا بره .
الجار : له له له لا هاظ الحكي ما بصير بس والله انا بتركهم مع الحارس ودايما بقولي انها كلاب اليفة وما بتئذي
ابوي : انو حارس ؟ والله عمرنا ما شفنا ،  هي اتطلع لكلاب سارحة لحالها وبتسوي اللي بدها اياه .
الجار : خلاص ولا يهمك انا بشوف الموضوع ، وبوعدك بعد اليوم ما تشوفوها بالشوارع ، تشرفنا بجيتك .

يخرج ابي منتشيا من بيت الجار ، فقد حل معضلة عاشت معنا لسنوات طويلة ، وتوجه ضاحكا لاهل القرية : خلااااااااص بعد اليوم ما في كلاب اطلعوا يا اولاد والعبو براحتكو !!! ،
 الاولاد هااااااااااااي  " ويتفعفطون " في ارجاء الحارة .

في المساء عاد الاطفال يصرخون فقد عضت الكلاب بنت زينب الغزبة وابن ابو توفيق ،  هاج السكان وماجوا وقالوا :لااااااا لهون وبكفي ، وبدأوا بالبحث عن ابي ليعود لجارنا ويذكره بوعده .

طبعا منذ ذلك اليوم وابوي مختفي ومش مبين ، وما خلينا مخفر او مستشفى الا سألنا عليه فيه ، في ناس بتقول انو  هاجر على استراليا  ، اما لكلاب فلا زالت تمارس هواية العض وسرقة الجاج ،
وطبعا جارنا كل اللي بعملوا انو بظل يتأسف  ويطيب خواطر ،،،،،،،  وصار على راي امي :
 "زي ممسحة الزفر" !!!!

يبدو ان الخيار الامثل للسكان ان يتركوا القرية  لجارنا وكلابه ويلحقوا ابوي على استراليا !!!!