The Smurfs

٢٠١٢/٠٤/١٠

امي بنت " سمحون " !!

عندما كنا صغارا في المدرسة كانت الطامة الكبرى ان تحضر الام للمدرسة ويراها المدرسون او  الاتراب ، وخاصة من الصف نفسه !
فرغم حبنا وشغفنا بامهاتنا كانت الام  هي الشيء الوحيد الذي يكسر كرامة صبي المدرسة المتعالي و"اللي شايف حالو" في وقتها ،
واذكر يوما اننا " بلينا وشرينا " احد اولاد الصف لاننا عرفنا وبالصدفة اسم امه من ملفه الشخصي الذي كان بيد الاستاذ وسها عنه قليلا ،،،،
كان معرفة اسم ام هذا الطالب هو الحدث الاهم ذلك الشهر ، وكنا لا نناديه الا باسم  امه ، " اجا ابن فلانة وراح ابن فلانه " ، فتارة كان يضرب من هم اضعف منه ، وتارة يشتكينا لمربي الصف ، وتارة يجهش بالبكاء عندما نتكالب عليه جميعا ، فاسم الام عار لا يستطيع الطالب التخلص منه وسيلازمه طوال عمره .
في احد الايام راقبني هذا الزميل من بعيد وعندما خرجت من البيت توجه للباب وقرع الجرس فخرجت له امي ، فسألها عني وهو اعلم بالاجابة ، ولما هم بالمغادرةالتفت  اليها وسألها :  يا خالتي انت شو اسمك ؟ فتبسمت وقالت له : اسمي فاطمة يما ،،، فانطلق مسرعا والسعادة تقفز من عينيه !!!

في اليوم التالي توجهت للمدرسة واذ بطلاب الصف يجتمعون في حلقة وكأنهم جميعهم في انتظاري ، وما ان اقتربت منهم حتى بادروني : اهلين يا ابن فاطمة !!!
اسودت الدنيا في وجهي واحسست ان امري قد افتضح وان لا مقام لي في هذه المدرسة بعد اليوم ، فالعار قد ركبني والجلاء اصبح حتميا  ربما ليس عن المدرسة فقط بل عن الحارة او حتى الى مكان اخر لا يعرف فيه احد اسم امي !!!
طبعا رجعت للبيت وازبدت وارعدت وحلفت ان لا اعود للمدرسة ، لكن امي حلت القضية مع  " جاراتنا " حيث نبهت كل ام ولدها ان لا يعاير الاخر بامه ،،،، وكأن الام عار!! وكأن بعضنا له ام والاخر " المحظوظ " بدون .....!!!
الطريف في الامر اننا جميعا كنا نعيش في الحي نفسه والكل يعرف الكل ، الا اننا لم نكن نعرف اسمائهن بل كنا نعرفهن بالوصف فقط ، فمثلا ابن " الرفيعة " اي النحيفة كان يضربني دوما ، وابن " الفكس فاجن " كناية عن نصاحتها كان يسرق اقلامي ، اما انا ابن فاطمة فكنت كالحمل الوديع او بمعنى اخر " لا للسدة ولا للهدة " و كانت امي تقول لي دوما:  " يغظب عليك  بس شاطر عندي " !!!

ذكرني الزمن الغابر بحكايات الامهات التي باتت تنتشر الان في الانتخابات  ،  فاحد مرشحي الرئاسة المصرية  امه امريكية الجنسية وعمرو موسى امه يهودية ، والمخفي اعظم ، ترى هل ستنتقل العدوى للاردن عند بدء الانتخابات القادمة ، مع ان القانون الانتخابي لا يرضى عنه احد سوى الحكومة وسيدنا ، ولكنه سيقر كما اقرت امور كثيرة من قبله ، فطالما ان نوابنا من "هذه النمرة " ستبقى الامور تمر وتمر وتمر .


 انني احمد الله ان امي كانت  من الطبقة الكادحة بل المسحوقة ، ولم تكن من فئة المجتمع المخملي ، والا لتزوجت بعد وفاة والدي رحمه الله عشرات الفنانين ورجال الاعمال ، وربما طغت قصصها ومغامراتها على الصبوحة ذات التسعين خريفا !!!
كما انها  لم تقم يوما في الولايات المتحدة الامريكية ، فهي اذا لا تحمل الجنسية الامريكية ولا حتى " الغرين كارد " ،  ولم تقم يوما " بدعس " احد من ابناء حارتنا لانه ضربني ، كما يحدث في بعض احيائنا الراقية ، يمكن لانها لم تكن تحسن القيادة او لانها   لم نكن نعرف السيارة اصلا !!!!

امي  عاشت وستموت على ارض الاردن فاصولها معروفة واسمها فاطمة  وصدقوني انني لم اعد اخجل من اسمها كما كنت في السابق فانا لا اعرف هل هذا بسبب النضج والتقدم بالعمر ام لأن امري قد افتضح من زماااااااااان وبات الكثيرون يعرفون اسمها ؟؟

لكن من يدري ربما اذا ما ترشحت يوما للانتخابات سيخرج علينا من يقول بان امي يهودية " رغم عصبتها " وان اسمها راشيل شارلي سمحون  !!!

يا حليلك يمَا وانت  بنت سمحون !!!